شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
شرح رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية في وقوع الفتن لمن ادعى الإيمان لبيان الصادق والكاذب
السلام عليكم ورحمة الله. قال رحمه الله: وقد رأيت للشيخ تقي الدين اسم> رسالة كتبها وهو في السجن إلى بعض إخوانه؛ لما أرسلوا إليه يشيرون عليه بالرفق بخصومه ليتخلص من السجن؛ أحببت أن أنقل أولها لعظم منفعتها.
قال رحمه الله تعالى: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا اسم> عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فقد وصلت الورقة التي فيها رسالة الشيخين الناسكين القدوتين أيدهما الله وسائر الإخوان بروح منه وكتب في قلوبهم الإيمان، وأدخلهم مدخل صدق، وأخرجهم مخرج صدق، وجعل لهم من لدنه ما ينصر به من السلطان سلطان العلم والحجة بالبيان والبرهان وسلطان القدرة والنصرة بالسنان والأعوان، وجعلهم من أوليائه المتقين وحزبه الغالبين، لمن ناوأهم من الأقران، ومن الأئمة المتقين الذين جمعوا بين الصبر والإيقان، والله محقق ذلك ومنجز وعده في السر والإعلان، ومنتقم من حزب الشيطان لعباد الرحمن، لكن بما اقتضت حكمته ومضت به سنته من الابتلاء والامتحان، الذي يميز الله به أهل الصدق والإيمان من أهل النفاق والبهتان.
إذ قد دل كتابه على أنه لا بد من الفتنة لكل من أدعى الإيمان، والعقوبة لذوي السيئات والطغيان، فقال تعالى: رسم> الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ قرآن>
رسم> فأنكر سبحانه على من ظن أن أهل السيئات يفوتون الطالب الغالب، وأن مدعي الإيمان يتركون بلا فتنة تميز بين الصادق والكاذب.
وأخبر في كتابه أن الصدق في الإيمان لا يكون إلا بالجهاد في سبيله، فقال تعالى: رسم> قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ قرآن>
رسم> .
وأخبر سبحانه وتعالى بخسران المنقلب على وجهه عند الفتنة، الذي يعبد الله فيها على حرف، وهو الجانب والطرف الذي لا يستقر من هو عليه، بل لا يثبت على الإيمان إلا عند وجود ما يهواه من خير الدنيا، فقال تعالى: رسم> وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ قرآن>
رسم> .
وأخبر سبحانه أنه عند وجـود المرتدين فلا بد مـن وجـود المحبين المحبوبين المجـاهدين، فقال تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قرآن>
رسم> فهؤلاء هـم الشاكـرون لنعمة الإيمان، والصابرون على الامتحان، كما قال تعالى: رسم>
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ قرآن>
رسم> إلى قوله: رسم>
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قرآن>
رسم> .
فإذا أنعم الله على إنسان بالصبر والشكر كان جميع ما يقضي له من القضاء خيرًا له، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له متن_ح>
رسم> والصبار الشكور هو المؤمن الذي ذكر الله في غير موضع من كتابه.
ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشرّ حال، وكل واحد من السراء والضراء في حقه يفضي به إلى قبيح المال، فكيف إذا كان ذلك في الأمور العظيمة التي هي محن الأنبياء والصديقين، وفيها تثبيت أصول الدين، وحفظ الإيمان والقرآن من كيد أهل النفاق والإلحاد والبهتان، فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.
والله المسئول أن يثبتكم وسائر المؤمنين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويتم نعمه عليكم الظاهرة والباطنة، وينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين على الكافرين والمنافقين الذين أمرنا بجهادهم والإغلاظ عليهم في كتابه المبين.
انتهى ما نقلته من كلام أبي العباس اسم> -رحمه الله- في الرسالة المذكورة وهي طويلة.
هكذا نقل أيضا -رحمه الله- من هذه الرسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية اسم> رحمه الله، هذه الرسالة موجودة في ترجمته في العقول الدرية في مناقب ابن تيمية اسم> للشيخ ابن عبد الهادي اسم> رحمه الله كتبها وهو بالسجن.
ذكرنا أنه سجن مرتين: سجن مرة في مصر اسم> وذلك لما اشتهر قوله بإثبات الصفات، فاستدعاه أهل مصر اسم> وطلبوا من السلطان أن يحضره عندهم، حتى يردوا عليه، فذهب من دمشق اسم> إلى مصر اسم> وكان قاضي القضاة كما يقولون ابن مخلوف اسم> قاض حنفي، ولكنه في العقيدة أشعري، وكان هناك أيضا قاض شافعي يقال له: ابن عدوان اسم> شافعي أيضا.
فتصدى ابن عدوان اسم> له كخصم، وأحضره عند ابن مخلوف اسم> وقال: أدعي على هذا الرجل أنه يقول: إن الله فوق العرش بذاته، وأنه يتكلم بحرف وصوت إلى آخر ما قال، فعند ذلك قال له ابن مخلوف اسم> ما تقول يا فقيه، ابتدأ شيخ الإسلام رحمه الله بحمد الله والثناء عليه، فقطعوا عليه كلامه، وقالوا: ما أتينا بك لتخطب، إنما جئنا بك لتحتج، فقال: فمن الحكم؟ قالوا: قاض القضاة هذا، فقال: كيف تحكم علي وأنت خصم؟ جميعكم خصوم لي تنكرون هذا المذهب، وهذا المعتقد الذي أنا عليه؛ فغضب ابن مخلوف اسم> وأمر بإدخاله في السجن.
وبقي في السجن سنتين ونصف أو سنتين وثمانية أشهر، ثم أخرج، وفي هذه المدة يتمكن الزوار من زيارته وسؤاله ويفتيهم يكتب لهم فتاوى أو يملي عليهم، مع أنه ليس عنده مراجع ولكن من حفظه، ثم بعد ذلك خرج، وحصلت مجادلة بينه وبين الصوفية الذين كانوا ينكر عليهم، فرفعوا أمره أيضا إلى السلطان، وطلبوا سجنه؛ فسجن أيضا مدة طويلة.
والحاصل: أنه بقي في مصر اسم> من سنة سبعمائة وخمس إلى سنة سبعمائة واثنتي عشرة، في هذه المدة وهو في سجن وفي مضايقات، وكتب إليه في السجن أناس ينصحونه ويقولون: استعمل التقية، استعمل المداراة لخصومك حتى لا تسجن، وحتى لا تحبس؛ لأنك إذا أظهرت قوة وأظهرت الصراحة؛ تألبوا عليك وأنكروا عليك، وهم أقرب إلى الملوك، وأقرب إلى السلاطين منك لأنهم قضاة ولأنهم مسموعة كلمتهم، ولكن لم ينصع لقولهم، بل أصر على أن يقول الحق ولو كان مرا.
وذلك عملا بالأحاديث في قول أبي ذر اسم> يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقدوته في ذلك أيضا الإمام أحمد اسم> -رحمه الله- في زمانه؛ فإنه قد ابتلي وجاءه كثيرون وقالوا: وافق على أن القرآن مخلوق حتى تتخلص، وتكون كالمكره ولكنه أصر على أن يقول الحق ويصر عليه ولو سجن. تعرفون أيضا: أن الإمام أحمد اسم> صبر على السجن مدة طويلة ولم يلن لهم، ولم يوافقهم، فهكذا شيخ الإسلام.
ولما رجع سنة اثنتي عشرة إلى دمشق اسم> بقي هناك في آخر حياته في سنة ست وعشرين، أو خمس وعشرين وسبعمائة، كتب رسالة في إنكار شد الرحال إلى زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما ظفر بها أعداؤه، كان له أعداء هناك في دمشق اسم> كلهم من الأشاعرة، وإنما عادوه لأجل هذا المعتقد، فعند ذلك رفعوا بأمره إلى السلطان، وأمر بإدخاله في السجن، وبقي في السجن أكثر من سنتين إلى أن توفي -رحمه الله- سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
فالحاصل: أنه كتب إليه بعض أصدقائه وهو بالسجن يشيرون عليه بالرفق بخصومه: ارفق بهم، وواجههم مواجهة سهلة، وتخلص من شرهم ولو على وجه التقية، ولو على وجه المداراة، ولو ادعيت أنك مكره.
فيقول المؤلف: أحببت أن أنقل أولها؛ لعظم منفعتها. ابتدأ -رحمه الله- بهذه المقدمة؛ يعني خطبة الحاجة: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا اسم> عبده ورسوله -هذه خطبة الحاجة المعروفة- أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ثم يقول: أما بعد: فقد وصلت الورقة التي فيها رسالة الشيخين الناسكين القدوتين. ما ذكرت أسماؤهما؛ وذلك لأن الغرض معرفة صفتهما أنهما ناسكين قدوتين؛ يعني من الصالحين دعا لهما بقوله: أيدهما الله، وسائر الإخوان بروح منه، وكتب في قلوبهم الإيمان، أخذا من قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وجعل لهم من لدنه ما ينصر به السلطان: سلطان العلم، والحجة بالبيان، وهذا هو الأولى، سلطان العلم؛ يعني على الجميع أن ينصروا سلطان العلم؛ لأن به يظهرون على خصومهم، سلطان العلم، والحجة بالبيان والبرهان، وسلطان القدرة، والنصرة بالسنان والأعوام. كل هذا داخل في السلطان في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وجعله من أوليائه المتقين. دعاء لهم أن يكونوا من أوليائه أهل التقى. وحزبه الغالبين يعني في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
الغالبين لمن ناوأهم من الأقران؛ لمن خالفهم من أقرانهم الذين هم مثلهم قرناء لهم، ولكنهم مخالفون لهم. ومن الأئمة المتقين، الذين جمعوا بين الصبر والإيقان؛ لأنه جاء في أثر أن الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله. والله محقق ذلك منجز وعده بالسر والإعلان. يستعمل السجع؛ لأنه قد يكون أدل على قوته في الأسلوب.
الله تعالى وعد، ولن يخلف وعده في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
إن هذا وعد من الله تعالى، ولكن قبل ذلك لا بد من الابتلاء، لا بد أن يبتلي أولياءه. الابتلاء الذي يبتلي به أولياءه لله تعالى فيه حكمة، منها اختبار الإيمان، واختبار قوة اليقين الذي في القلوب، ومنها البيان أنهم وإن كانوا على الهدى فلا بد أنه ينالهم ما نال غيرهم من الابتلاء والامتحان، ومنها أن يقتدوا بالأنبياء، وبأتباع الأنبياء الذين قتل بعضهم، وأخرج بعضهم، وأوذي بعضهم، وعذبوا، وأوذوا في سبيل الله تعالى، قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
جاء في حديث: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
رسم> وجاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أحبك، فقال: إن كنت صادقا فأعد للبلاء تجفافا؛ فإن البلاء أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منحدره رسم> يعني أن الذين يحبون النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن ينالهم بلاء كما نال غيرهم، وكما نال الأنبياء، فجاء في الحديث أنه: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مضت سُنة الله تعالى في الابتلاء والامتحان الذي يميز به أهل الصدق والإيمان من أهل النفاق والبهتان، فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، لا بد من هذا الامتحان وهذا الابتلاء؛ حتى يظهر الصادق من الكاذب.
قد دل كتاب الله تعالى على أنه لا بد من الفتنة لكل من ادعى الإيمان، لا بد أنهم يفتنون؛ حتى يثبتوا على الإيمان أو يرجعوا، فإن كانوا صادقين في إيمانهم زادهم ذلك ثباتا، وزادهم رسوخا وتمسكا بعقيدتهم وبدينهم، حصل ذلك للصحابة لما ابتلوا بالأحزاب الذين جاءوا عشرة آلاف من قريش وغطفان، والمشركين، وأحدقوا بالمدينة اسم> وضيقوا على أهل المدينة اسم> فعند ذلك قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أما المؤمنون فصبروا قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يقول: لا بد من الفتنة لكل من ادعى الإيمان، ولا بد من العقوبة لذوي السيئات والطغيان، ثم استدل بهذه الآيات من أول سورة العنكبوت: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يعني: أنه سبحانه عالم بالذين اتقوا، وبالذين لم يكونوا من المتقين، ولكن أراد بذلك: أن يظهر معلومه، فليعلمن الله؛ يعني يظهر للناس من علم الله، أنهم من الذين صدقوا، وليعلمن الكاذبين في قولهم: آمنا؛ وذلك لأن المنافقين، حكى الله عنهم أنهم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أنكر سبحانه على من يظن أن أهل السيئات يفوقون الطالب الغالب: وهو الله وحده، وأنهم يسبقون الله، وأن مدعي الإيمان يتركون بلا فتنة، لا بد أن من ادعى الإيمان فلا بد أن يكون هناك فتنة تميز بين الصادق والكاذب.
أخبر في كتابه: أن الصدق في الإيمان لا يكون إلا في الجهاد في سبيله، الصدق اليقيني يظهر بالجهاد في سبيله؛ ولهذا قال للأعراب: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأخبر سبحانه بخسران المُنقلِب على وجهه عند الفتنة. الذي يعبد الله تعالى على حرف: وهو الجانب والطرف الذي لا يستقر من هو عليه، بل لا يثبت على الإيمان إلا عند وجود ما يهواه من خير الدنيا والآخرة في هذه الآيات في سورة الحج: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
.. في غزوة أحد اسم> أن من الحكمة أنه يعلم الله تعالى ويظهر معلومه، يعلم المجاهدين ويعلم الصابرين، ويثيبهم على صبرهم، وكذلك مثل هذه الآية في سورة البقرة: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومثل هذه الآية في سورة محمد: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يذكر شيخ الإسلام هذه الآيات، يقول: إن هذا الابتلاء الذي سلط علينا إنما هو لأجل الصبر، لأجل أن يظهر من يصبر، فإذا وافقناهم، وأعطيناهم مطلبهم كان في ذلك نقص علينا، ونقص في ديانتنا؛ أننا لم نصبر، وأخبر سبحانه أنه عند وجود المرتدين لا بد من وجود المحبين المحبوبين المجاهدين: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
هكذا يقول شيخ الإسلام: هؤلاء هم الشاكرون لنعمة الإيمان؛ يعني الذين يصبرون على البلوى أي: شكر الله تعالى واجب؛ حيث أنعم عليهم بالعلم، وبالعقيدة، وبالإيمان القوي.
الصابرين على الامتحان، وكما قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يقول: فإذا أنعم الله على الإنسان بالصبر وبالشكر كان جميع ما يقضى له من القضاء خيرا له؛ كل ما قضى الله تعالى له من القضاء خير له، فكأنه يقول: نصبر فإن ذلك خيرا لنا. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فكأنه يقول: نحن نصبر على ما أصابنا، ونتحمل ما وقعنا فيه، ولو كان ذلك أذى وعذابا وتضييقا، ونحو ذلك. الصبّار الشكور: هو المؤمن الذي ذكره الله تعالى في غير موضع من كتابه في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومن لم ينعم الله عليه تعالى بالصبر والشكر، فهو بِشَرّ حالٍ؛ إذا لم يصبر ولم يشكر، لم يصبر على البلوى، ولم يشكر في حالة الرخاء.
وكل واحد من السراء والضراء في حقه يفضي به إلى قبيح المآل؛ يعني إذا لم يكن من الصابرين الشاكرين فالسراء إذا أصابته طغى، والضراء إذا أصابته تضجر واشتكى إلى المخلوقين.
فكيف إذا كان ذلك في الأمور العظيمة التي هي محنة الأنبياء والصديقين؟ يعني مثل هذا الابتلاء الذي ابتلي به شيخ الإسلام.
محنة الأنبياء والصديقين، وفيها تثبيت أصول الدين، وحفظ الإيمان والقرآن من كيد أهل النفاق، والإلحاد والبهتان. ألا نصبر على هذا الابتلاء، الذي قد ابتلي به قبلنا الأنبياء.
فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا؛ يعني نحمد الله على ما قدر، كما يحب ربنا ويرضى، كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والله المسئول أن يثبتكم، وسائر المؤمنين بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، يدعو الله تعالى لهؤلاء، وأن يتم نعمه عليكم الظاهرة والباطنة، التي ذكرها في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأن ينصر دينه، وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين على الكافرين والمنافقين الذين أمرنا بجهادهم، والإغلاظ عليهم في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>